דילוג לתוכן המרכזי בעמוד

لماذانشارك؟

22/02/2020

 






في أعقاب قصّة "شكرًا آمو!" للصّفّ الثّاني

تأليف ورسومات: أوجي مورا | ترجمة: تمارا ناصر | دار النّشر: مطار

المقالة بقلم: رنا منصور عودة*

 

رائحة يخنة لذيذة تنبعث من نافذة آمو، الجدّة الطيّبة. رائحة تحملنا إلى بيوت جدّاتنا حيث الرّوائح الطيّبة والقلوب الأطيب.

يتناول العديد من قصص الأطفال موضوع المشاركة والتّكافل الاجتماعي لما فيهما من أهميّة لمجتمعنا، وخصوصًا في ظلّ سيطرة المصالح الشّخصيّة على حساب ثقافة المشاركة والقيم الاجتماعية. ولكن بينما ينشغل الكثيرون منّا في الاهتمام بالحفاظ على ما لديه، تأتي آمو لتعيدنا إلى فرحة المشاركة والعطاء.

آمو ترمز إلى العطاء غير المشروط؛ المشاركة بما لدينا مع الآخرين دون التّفكير بأنفسنا وبما سيتبقّى لنا. لا تزال المشاركة من القيم التي نجدها عند الأجداد والجدّات. وكأنّ العمر يُكسِبنا التّجارب المجتمعيّة التي تدلّنا على مصلحة المجموعة وأهمّيتها، ولكن في وقت متأخّر من العمر.



كيف يفهم الطفل مفهوم العطاء والمشاركة؟

القيم الاجتماعيّة هي قيم مكتسبة من البيئة المحيطة بالطّفل. وُجدت هذه القيم من أجل مصلحة المجموعة التي ستعود بمنفعة شخصيّة أيضًا على الأفراد. وبما أنّ غالبيّة هذه القيم مكتسبة، فإن الطفل يتعلّمها من بيئته القريبة منذ نعومة أظفاره.

الطّريقة الأولى الأكثر تأثيرًا في الطّفل هي التّقليد:

يتعلّم الطّفل غالبيّة الأمور من خلال مشاهدة مَن حَوله؛ تصرّفاتهم، ردود فعلهم وأقوالهم. وممّا لا شكّ فيه أنّ البالغ لا يسيطر على تصرّفاته بشكل واعٍ في كلّ المواقف. فأحيانًا نجد أنفسنا نقوم بتصرّفات تُؤثر مصالحنا الشخصيّة على المصلحة العامّة التي تتطلّب المشاركة. لذا، إن أردنا تعليم الطّفل قيمة المشاركة، فلا بد أن نتأكّد أننا أنفسنا نعيش حسبها، لكي يتمكّن من تذويتها. في قصّة "شكرًا آمو" تصرّف الطّفل والآخرون مثل آمو، وكانوا معطائين كما كانت هي معطاءة معهم.

ثانيًا: لأوّل وهلة يبدو هناك تناقض بين المشاركة وبين المصلحة الشخصيّة. فكما رأينا بقيت آمو في نهاية اليوم دون قطرة واحدة من يخنتها الحمراء اللذيذة. وقد يدلّ هذا على تناقض بين مصلحتها الشّخصيّة في سدّ جوعها والتلذّذ بأكل طعامها، وبين الرّغبة في المشاركة. ولكن النّهاية تشير إلى المردود الذي عاد على آمو بفضل المشاركة والعطاء. فبفضل إنسانيتها، دفعت من حولها إلى ردّ المعروف بمثله مما خلق جوًّا من التّكافل الاجتماعيّ.

من هنا، فالمشاركة عمليًّا يمكنها في نهاية الأمر أن تخدم مصلحتنا الشّخصيّة، فهي تثير فينا مشاعر دافئة وشعورًا بالاكتفاء، وصولًا للمردود الذي قد نحصل عليه في وقت الحاجة نتيجة لمشاركاتنا وما تركته من أثر في قلوب الآخرين.

كثيرًا ما نقول لطفلنا: "أعط أخاك (أو صديقك) من ألعابك لكي يشاركك هو في ألعابه…". ويأتي هذا في حديث تلقائي لتشجيع الطّفل على المشاركة، ويبني لديه توقّعات بالحصول على مقابل لما فعله. في العديد من الأحيان يحصل الطّفل على هذا المقابل وفي مرات أخرى قد يتفاجأ بانعدام المردود.

آمو لم تنتظر المقابل عن المشاركة، ومع هذا حصلت عليه. سيكون مثيرًا معرفة رأي طفلنا إذا سألناه في أعقاب قراءة القصّة: ماذا سيكون شعور آمو لو لم يأتِ كلّ الأشخاص إليها في نهاية القصّة؟

المشاركة قيمة عظيمة، ولها أشكال مختلفة وردود أفعال مختلفة، وهي تستحق أن نتناولها في تصرّفاتنا وأحاديثنا حتّى يستطيع طفلنا فهم تجاربه الاجتماعيّة بشكل أفضل.

 

* الكاتبة هي اختصاصيّة نفسيّة علاجيّة