דילוג לתוכן המרכזי בעמוד

فتّشواعنلولا

06/10/2019

في أعقاب قصّة "ربّما غدًا"

 

الكتلة التي تجرّها لولا في قصّة "ربّما غدًا" هي كتلة كبيرة وثقيلة، وعلاوة على ذلك فهي سوداء، ووفقًا لتخمين "تمسوح"، فإنّها تحتوي على أمر حزين.

كلّ فرد فينا يحمل في فترات معيّنة من حياته كتلة شبيهة بتلك التي تحملها لولا، حملًا يُثقل على صدورنا. فكيف نتعامل مع هذا الحِمل؟ وكيف نساعد طفلنا في حمل كتلته الخاصّة به؟

بالدرجة الأولى يحتاج من يحمل كتلةً ثقيلة إلى عيون تلاحظ هذا الأمر، وتتعاطف معه. عيون تمسوح في قصّتنا رأت ما تجرّه لولا، ممّا فتح مجالًا للمساعدة فيما بعد.

في العديد من الأحيان لا نلحظ ما يحمله غيرنا من "صناديق". وأخصّ بالذّكر "صناديق" الأطفال التي غالبا ما لا نمعن النظر فيها اعتقادًا منّا أنّ الأطفال واليافعين لا هموم تُثقل عليهم. هذا الاعتقاد المغلوط هو مثابة غشاوة على عيوننا تمنعنا من مشاهدة ما يحمله أبناؤنا داخلهم.

لنبدأ من الاصغاء بجميع حواسّنا إلى صناديق أطفالنا. من هنا تبدأ المسيرة المشتركة. وهذه كانت أوّل خطوة في العلاقة الخاصّة بين تمسوح ولولا، علاقة كشفت لنا عن أهميّة المشاركة للتغلّب على الصعوبات. ولا تقتضي المشاركة بالضّرورة إيجاد الحلول، وإنّما قد يكفي أحيانًا إبداء الاهتمام والرّغبة الصّادقة بالمساعدة.

كثيرة هي المرّات التي يسعدنا فيها وجود شخص ما بجانبنا. يحاول تسليتنا، والتّخفيف عنّا ومشاركتنا لحظات يومه. في بعض الأحيان وجود الآخر كافٍ لبثّ روح إيجابية تساعدنا في مواجهة كل الصّناديق السوداء الثقيلة التي نحملها داخلنا.

أحيانًا كلّ المطلوب يكون التواجد والمساندة، وليس الحلّ نفسه. وجود الآخر يمكنه أن يكون العنصر الدّاعم الذي يساعدنا في الكثير من الحالات على التغلّب على كل الصّعوبات التي قد تبدو أكثر حجمًا إذا كنّا نشعر بالوحدة.

لولا لم تشاركنا بما تشعر به بشكل صريح، ولكنّ قصّتها وضّحت لنا أهمّية وجود "تمسوح"- الآخر، الصّديق، الذي جعل من صندوقها أصغر فأخفّ، حتى صارت قادرة على مواصلة حياتها دون أن تلغي الحزن الذي بقي هناك كأمر شرعي ومقبول.

لنكن كما كان "تمسوح" تجاه لولا، ولننظر إلى من نحبّهم ويهمّنا أمرهم، فقد نرى الكتلة التي يحملون، فنقترب ونكون سندًا وداعمًا لهم.

 

بقلم الاختصاصية النفسيّة العلاجية رنا منصور عودة