דילוג לתוכן המרכזי בעמוד

نصغينرىندعم-مقالةفيأعقابكتاب"الأرنبيصغي"

25/02/2019

 

تضع قصة "الأرنب يُصغي" أمام أعيننا موضوع الفقدان وكيفيّة التعامل معه.

كثيرا ما نتساءل كبالغين كيف نتعامل مع أطفالنا إزاء هذا الموضوع؟ ما هي الحقائق التي نطرحها أمام أسئلتهم، وما هي الإجابات المناسبة الممكنة لكل سؤال؟

في قصّة "الأرنب يصغي" يُطرح هذا الموضوع من منظور إضافي، ألا وهو طريقة التّعاطف المثلى مع حالات الحزن. وقوع المكعّبات الخشبيّة التي بناها سامر في القصة، هي مثال معين للفقدان، ليس الشبه من ناحية الصعوبة، بل ناحية كون الفقدان اختفاء شيء أو شخص كان معنا ثم اختفى أو غاب.

يشعر الأطفال مع اختفاء الأشياء أو خرابها بحزن مشابه للحزن الذي يشعر به البالغ. والخوف أيضًا قد يرافق مثل هذه الأحداث والمواقف. لهذا، رغم شعورنا بأن الموقف عادي لا يستدعي الوقوف عنده، بل يتطلّب التغلّب عليه والانتقال إلى مرحلة جديدة، قد يكون الأمر مختلفًا. قد يكون الموقف مثيرًا لمشاعر الطّفل بصورة تتطلّب منّا إمعان النظر والإصغاء إلى مشاعره وعالمه الداخلي.

في قصّتنا لهذا الشّهر، يحاول كل حيوان الاقتراب من سامر لمواساته في حزنه وتشجيعه حتى يشعر أحسن، كلٌّ بطريقته الخاصّة وبدافع رغبة حقيقيّة في مساعدته. لكن لسامر احتياجاته الخاصّة، وأسلوب يناسبه هو، كان ذلك الأسلوب الذي وفّره له الأرنب من خلال إصغائه.

في العديد من المواقف المشابهة في حياتنا اليوميّة، نرغب بوجود داعم لنا. لكن لكلٍّ منّا طريقة الدعم التي تناسبه. للوهلة الأولى وبشكل تلقائي، نعتقد أن الآخر يحتاج منّا أن نقوم فعليًّا بشيء معيّن لمساعدته. ولكن أحيانا كلّ ما يكون الشخص بحاجة له هو الإصغاء. من جهة يبدو أن الإصغاء أمرًا سهلًا فهو لا يتطلّب منّا الكثير، ولكنّه من جهة أخرى يبدو صعبًا إذ أنّه يتطلب منا القدرة على "رؤية" الآخر واحترام احتياجاته.

كيف نعرف متى نصغي؟

الإصغاء هو الخطوة الأولى المحبّذة في جميع الحالات، لأنّها تشكّل دعوة لتفريغ ما يشغل نفس الشّخص الحزين. كلّنا نحتاج إلى أذن صاغية قبل الكلمة والنّصيحة. في العديد من الأحيان يكفي الإصغاء ليكون محفّزًا على مشاركة الغير بمكنونات أنفسنا، بينما تكون النصائح في هذه الحالات حاجزًا يبعث فينا التّردّد.

لا شكّ أنّ محاولات الحيوانات العديدة في القصّة تقترح تنويعًا في طرق التعبير، وهي خطوات هامّة إضافيّة تأتي بعد الإصغاء. كلّ اقتراحات الحيوانات لسامر كانت مفيدة، وقد جرّبها بعد أن حصل على تعاطف الأرنب من خلال إصغائه وتمكّن بذلك من التنفيس عمّا بداخله.

من هنا، من المهمّ جدًّا تفهّم حاجة الطّفل إلى الإصغاء إليه في مواقف مثل الخسارة والحزن والفقدان، كمرحلة أوّليّة قبل الانتقال للحلول.

 

بقلم الاختصاصيّة النفسيّة العلاجيّة رنا منصور عودة