דילוג לתוכן המרכזי בעמוד

كيفنساعدالطّفلفيتحويلالإحباطإلىتحدٍّ

19/11/2018

إضاءات في أعقاب قصّة "أعظم الأشياء"

تحاول الطّفلة في قصّة "أعظم الأشياء" صنع "أعظم شيء في العالم". وتأخذنا في مسيرتها إلى مشاعر مختلفة، ابتداءً من الرّغبة، مرورًا بالإحباط وانتهاءً بالاكتفاء، فنراها تجرّب الى أن تحقّق هدفها.

"الشعور بالقدرة" على صنع الأشياء وإنتاجها هو جزء من بناء الشعور بالقدرة والتّأثير.

من الهامّ جدًّا تعزيز الشّعور بالقدرة لدى الطّفل، لأنّه يشكّل نواة ثقته بنفسه وبقدراته على التّأثير في هذا العالم. منذ نعومة أظفاره يحاول الطّفل مدّ يديه وتحريك الأشياء حوله. ويزيد النّجاح في هذه المهمّة من شعور الطّفل بالاكتفاء، ويخلق عنده إيمانا بكونه قادرًا على السّيطرة على عالمه الممتدّ خارج جسده. من جهة أخرى، تؤدّي حالات الفشل المتكرّرة تدريجيًّا إلى الشعور بالإحباط وعدم القدرة. ومن شأن هذا الشّعور تحويل الطّفل من شخص فعّال إلى شخص سلبيّ بمعنى غير مبادر، ومتلقٍّ لما يأتيه من الخارج.

كيف نبني المسار السليم بين هذين القطبين؟

من خلال تجارب النّجاح التّدريجيّة: من الهامّ جدًّا أن نعزّز من شعور الطفل بالنجاح في إنجاز هدفه، وعلينا كبيئة دعمه من خلال عدّة خطوات:

  • جعل المهامّ مناسبة لقدرات الطّفل، لزيادة احتمالات نجاحه. المهامّ الصعبة التي تفوق قدرات الطّفل، من شأنها تحطيم ثقة الطّفل بقدراته وتوليد شعور قوي بالإحباط لديه. هذا ما شعرت به الطّفلة في قصّتنا في المراحل الأولى، عندما حاولت مرارا وتكرارا دون جدوى.

  • تقديم يد المساعد: مساعدتنا للطّفل من شأنها أن تخلق لديه شعورًا بالقدرة على تخطّي المهامّ الصّعبة، خاصّةً إذا حاول في المرة الأولى وحده ولم ينجح. وساطتنا هامة جدًّا في هذه المواقف، فهي تشكّل حلقة وصل بين الفشل والنّجاح.

  • تفسير مواقف عدم النّجاح على أنها تحدٍّ وليست فشل. هذا التفسير يخلق فرقًا كبيرًا في المشاعر، فهو يحوّلها من شعور بالإحباط إلى شعور بالتّحدي ورغبة في إعادة المحاولة.

  • الانفعال من نجاح الطّفل، حتى لو كان جزئيًّا من شأنه أن يشجّعه على تقدير قدراته المختلفة.


 

كانت الفتاة الصّغيرة في قصّة "أعظم الأشياء" وحيدة في هذا المسار، ولكن شيئًا فشيئًا رأينا كيف تَجنّدَ كلبها لمساعدتها، كما رأت كيف آمن النّاس من حولها بفائدة الأغراض التي صنعتها واعتبرتها في البداية علامة على الفشل. لقد خلق هذا التّشجيع عند الفتاة محفّزًا لإعادة المحاولة من أجل إنتاج "شيئها الخاص"، والنّجاح في المهمّة في نهاية المطاف.

إيماننا بقدرتنا هو أمر حيوي يساعدنا في تخطّي الإحباط الناتج عن الشعور بالفشل، وهذا الإيمان هو وليد نظرة البيئة لما يقدّمه لها الطّفل. هذه العلاقة المستمرّة تدعم الطفل وتملؤه ب"الوقود" ليؤمن بنفسه أوّلًا ،وليحاول مجدّدًا في حال فشل. هذه هي أعظم الأشياء التي نقدّمها نحن كبيئة داعمة إلى بُناة المستقبل.

 

بقلم: الاختصاصيّة النفسيّة العلاجيّة رنا منصور عودة