דילוג לתוכן המרכזי בעמוד

حوارمعالكاتبإيادمداححولقصّته"لوكنت"

13/10/2021

حاورته نورة صالح

 

في البداية عرّفنا عن نفسك ومتى كان اللقاء الأول بينك وبين الكتب؟

ولدتُ في قرية مجدل شمس في الجولان. لقائي الأول بكتاب اخترتُ قراءته بنفسي، كان في الصّفّ السّادس. في حينه كان أخي الأكبر يدرس في الاتحاد السوفييتي، وصدَف أن كانت هناك دار نشر اسمها "رادوغا"، تترجم الأدب الروسي للعربية وتوزّعه مجانًا على الطلاب، وسنة بعد سنة امتلأت مكتبة بيتنا بكتب دار رادوغا. من تلك الكتب كانت رواية بعنوان "ليس بين الأسماء"، للكاتب بوريس فاسيلييف، رواية يتحدث فيها عن المدافعين البواسل عن قلعة بريست خلال الحرب العالمية الثانية. كانت رواية طويلة ربما على طفل في الصف السادس، ولكنّ سببًا أجهله شدّني لقراءتها فقرأتها وكانت البداية، إذ صار الكتاب الذي أختاره أنا دائمًا رفيقي عندما كنت أفرح أو أحزن أو أشعر بالوحدة.

وكيف بدأت الكتابة للأطفال؟

الكتابة للأطفال بدأت بعد قراءات كثيرة من عالم أدب الأطفال العالمي والعربي، ولكن فكرة أوّل قصّة جاءت حين لفتت نظري صدفة العلامة التجارية لسيارة السوبارو، وهي عبارة عن 6 نجوم. ولا أعرف لماذا خطر لي أن أبحث عن معنى هذا الشعار، ووجدت بأنه يشير إلى كوكبة النجوم المسماة سوبارو باليابانية وعنقود الثريا النجمي أو الشقيقات السبع بالعربية. اتضح لي بأنّ هناك بالفعل سبع نجمات، ولكن الشعار فيه ستّ نجمات وبعد البحث اتّضح أنّ هناك نجمة سابعة لا تُرى بالعين المجرّدة، ولكنّها ضمن هذه الكوكبة. ومن هنا جاءت ولادة قصتي الأولى للفتيان بعنوان "نيروز"، التي صدرت عن دار أوغاريت في رام الله. منذ ذلك اليوم توالت الأفكار والقصص، وولدت قصص مثل "عصفور وسمكة"، "قرية وقمر مستدير"، "خالد والعصفور"، "رسالة إلى ملكة الغابة"، وكلّها بفضل الفضول والخيال، وما أحلاهما وأغناهما من صفتين. أحب رواية الأخوان لأيقونة أدب الأطفال استريد ليندجرين ويرافقني دائمًا كتاب "حسن في كل مكان"، للفنان الشاب الراحل حسن حوراني، وكتب القاص زكريا تامر، وكتب العلامتين الفارقتين بالنسبة لي في الأدب الفلسطيني حسين البرغوثي ومحمود درويش.

من أين جاءت فكرة قصّة "لو كنت" التي وزّعتها مكتبة الفانوس على أطفال الرّوضة؟

لو كنت هو في الحقيقة مصطلح من عالم الكبار، بمعناه اللّفظي، حيث أنّ "لو كنت" التي يقولها الأطفال نابعة من خيال جميل ومن عالم لا يفكر كثيرًا بالماضي ولا المستقبل إنما يعيش اللحظة الآنية بكل شغف وأحيانًا بكل حزن. فقط اللحظة الآنية هي التي تشغل فكره. حقيقة إسقاطي لمصطلح لو كنت من عالم الكبار إلى عالم الأطفال هو استباق لما يمكن أن يكون رسالة لمن يقرأ من الكبار للصّغار، بأنّ "لو كنتُ" هو مصطلح لا يمكن الوثوق به، ما يمكن الوثوق فيه هو نحن في هذه اللحظة، ما نحن عليه وما سنكون عليه يبدأ من هذه اللحظة.

 

هل كنت تتمنّى أن تكون شخصًا آخر؟ وما هي أكثر "لو" تردّدها؟

نحن نتغير في اللحظة فنحن لا نظل الشخص ذاته لكثير من الوقت، ولكن إن كنت أتمنى شيئا فهو الكثير من المعرفة وكثير من العلم والكثير من فهمي لأعماق نفسي. أكثر "لو" أردّدها هي: لو لم تكن هناك حدود جغرافية، ولو تنهار كلّ الحواجز التي تفصل بين إنسان وإنسان.

هل كونك أبًا له تأثير على اختيارك لأفكار كتبك؟ أعطنا أمثلة عن أسئلة يطرحها أطفالك وتشكّل بالنسبة لك مشروع كتاب.

بدون شك، أساسًا ابنيَّ وابنتي والأطفال الآخرين المحيطين بي هم مصنع أفكاري ومكان اختبار أفكاري. من خلالهم أعرف أكثر وأفهم أكثر طبيعة تناولهم للأمور من حولهم، وفهمهم لحركة الأشياء حولهم وتفاعلهم كيف يكون مع الأشياء، وماذا يحبّون وماذا لا يحبّون. في قصّة "نيروز"، يصل البطل نيروز إلى حالة إعياء شديد ويسقط أرضًا كمقدمة لدخوله مرحلة انتقالية تبدأ من تلك اللحظة. وحينها سألت ابن أخي الذي كان دائمًا يسألني متى سأنتهي من القصة، قلت له: أريد أن أنقل نيروز من مكان إلى مكان ولا أعرف كيف. فقال لي: "يا لطيف، يأتي طير عملاق ويحمله إلى حيث تريد، وضحك. أضاء لي جوابه فكرة العطاء وردّ الجميل، فولد طائري العملاق في قصّة نيروز.

ما هي رؤيتك لمعنى وكيفيّة الكتابة للأطفال؟

شخصيًا أنا مولع بالقصص، وأومن بأنّ إعطاء الطّفل مساحة للتخيّل الواسع هو ما يجعل منه طفلًا مبدعًا مبتكرًا وقادرًا على تفكيك أيّة قوالب يتمّ حشره فيها. القصة هي عبارة عن جسر واحد إلى أماكن كثيرة جسر بين الطّفل ونفسه، بين الأهل والطّفل، بين الطّفل والأطفال الآخرين. القصّة وسيلة يُفترض أن تكون خارج كلّ القوالب وخارج مفهوم التّلقين والحشو. القصة برأيي يجب أن تكون أشبه بحكيم يتنقل من مكان إلى مكان ويتأمّل وبالنهاية قد يقول: رأيت نور الشّمس عندما اخترق سطح الماء واختفى هناك تحت حتى ظننت أن الشمس أرسلته من عندها مرسالاً إلى مكان ما في أعماق تلك البحيرة، أين ذهب ذلك المرسال وماذا يريد يا ترى؟ مثل هذا النّصّ قد يأخذ الطّفل الصّغير والكبير نحو احتمالات كثيرة يرسمها خيال كل واحد وواحد منهم بريشة مختلفة لنحصل على نتائج مختلفة، وهذا برأيي ما يزرع بذور التنوّع لنحصل على طبيعة اختلاف ألوانها هو ما يجعلها أكثر جمالًا.

كيف تنظر لحركة الكتابة للطّفل المحليّة والعربيّة؟

لا أدّعي مواكبة كل التّجارب محليًا وفي العالم العربي، ولكن مؤخرًا بدأت موجة جديدة وواعدة من حركة الكتابة للأطفال على المستوى المحلي والعربي، وهذا مبشّر بالخير. لا زلنا في البداية والبدايات جميلة لكنّها لا تكفي حيث يحتاج أدب الأطفال محليًا وفي عالمنا العربي إلى وجود نقد مهني حيادي لما يتم إنتاجه من أدب أطفال وذلك بغرض تطوير هذا النوع الأدبي الهام، وهذا برأيي ما ينقص إضافة إلى عدم وجود أطر أكاديمية متخصصة تحديدًا بأدب الأطفال وبنقد أدب الطّفل على المستوى المحلي والعربي. اليوم مع تحوّل العالم إلى قرية كبيرة، انهارت الحدود وصار بالإمكان الاطلاع على كل ما يُنتج من أدب أطفال في العالم، وهو كثير وجميل.

لماذا اخترت الرّسامة شارلوت شاما لترسم كتابك؟ وكيف تمّت آلية العمل بينكما على رسومات الكتاب؟

أؤمن بأن الرسم للأطفال هو النسخة البصرية لسير أحداث أي قصة حسب وجهة نظر الرسّام/ة وشعوره بالقصّة. وليس من السّهل محليًا إيجاد رسام/ة أدب أطفال يجيد هذه اللّغة البصرية وهذا مرده أيضًا إلى ما ذكرته سابقًا وهو عدم وجود أطر أكاديمية تُعنى بكل ما يتعلق بأدب الأطفال، كتابة، رسمًا ونقدًا، ومن خلال متابعتي لأعمال الفنانة شارلوت شاما مباشرة وُلد تواصل داخلي بيني وبين أعمالها وتمنيت دائمًا أن ترسم الفنانة شارلوت قصة "لو كنت"، وحدث ذلك وأنا سعيد جدًا بالنتيجة وبسير العمل الذي كان بيننا خلال عملها على رسومات القصة، والذي جاء على أساس تواصل دائم بيننا وحوار ولقاء جماعي بين شارلوت وبين منى سروجي محرّرة كتب الفانوس، وبيني في حوار حول الرسومات.
وأنا ممتنّ لمكتبة الفانوس على جهودها في مجال أدب الأطفال. أنا شخصيًّا لا زلت أشعر بأنني أحبو في هذا المجال الواسع، ولا زلت في البداية أتعلّم المشي وأكون سعيدًا جدًّا بأيّة ملاحظة أو نقد بنّاء من أي صوب كان.