דילוג לתוכן המרכזי בעמוד

فرصةلرؤيةالمشاعر

03/10/2019

في أعقاب قصّة "كيف امتلأ دلو فارس؟"

 

يدعونا هذا الكتاب للتّفكير في السؤال: من أين تأتي الطاقة التي تغذّي مشاعرنا وتدفع بنا لسلوك معيّن؟ تتألّف طاقتنا وتتأثّر من عدّة مركّبات وعوامل، أوّلها الطاقة الداخليّة التي نُولَد معها وتجعلنا مميّزين عن غيرنا. هذه الطاقة الداخليّة الخاصّة بكل فرد، من شأنها أن تفسّر التعاملات المختلفة للأطفال مع المواقف المتشابهة. وهناك أيضًا الدّور الكبير الذي تلعبه البيئة في التّأثير على مشاعر الفرد في مراحله العمريّة المختلفة، وتوجّه بالتالي سلوكه.

فارس، الشّخصية المركزية في قصتنا، يجسّد هذه الفكرة من خلال دلو متخيّل فوق رأسه، يصوّر لنا بطريقة ملموسة ما يحدث في مشاعرنا عندما نواجه موقفًا معيّنًا، فهو يمتلئ كلّما مرّ فارس بموقف يدعو لإحساس إيجابي كالفرح، الرضا عن النفس، الفخر، ويفرغ كلّما واجه موقفًا يثير لديه أحاسيس سلبيّة كالحزن أو الغضب أو الوحدة. الشيء المثير في القصّة أن فارس يلاحظ أنّ دلوه يمتلئ ليس فقط عندما يفرح هو، بل عندما يسبّب الفرح لغيره.

ويقودنا هذا للتفكير: كيف نتصرّف حيال الآخرين؟ هل نملأ دلاءهم أم نفرغها بأقوالنا أو أفعالنا؟

في أحيان كثيرة، وتحت ضغوط الحياة اليوميّة وبدافع السّعي لتربية أطفالنا والحرص على مصلحتهم، قد نعير الهدف أهميّة أكبر من الوسيلة، فنهمل ما قد يحصل مع "دلو" أحبّ النّاس إلينا، وتأثير أسلوبنا على مشاعرهم.

كان جميلًا لو تمكّنا أن نرى دلاء الآخرين، ودلونا نحن أيضًا، لنستشفّ مشاعرنا ومشاعر الآخرين بشكل محسوس، كما تُظهر لنا هذه القصّة الذكيّة. لا شكّ أنّ هذا كان سيساعدنا في التّعامل برفق وحذر أكبر مما نفعله عادةً. ولكنّ هذه فرصة أن نطلق العنان لخيالنا، فقد يتيح لنا أن نحسّ بمشاعر الآخرين وكأنّنا نراها، وقد ننجح عندها في الانتباه إلى ما نفعله ونقوله، ونختار أن نملأ دلاء الغير ونفسيّتنا نحن أيضًا بطاقة إيجابيّة.

 

بقلم الاختصاصيّة النفسيّة العلاجيّة – رنا منصور عودة