نعطيليكونوامعطائين
15/12/2019
في أعقاب كتاب "مزيد من الخيطان"هل يستطيع الأطفال فهم القيم الاجتماعيّة والعمل وفقها؟ هل يفهم أطفالنا معنى القيم؟ هل علينا تعليمهم إيّاها؟ وابتداءً من أية سنّ؟ عدّة أسئلة تتبادر إلى إذهاننا بكلّ ما يتعلّق بالتطوّر الاجتماعي لدى الأطفال.
في قصّة "مزيد من الخيطان" التي تمّ توزيعها على أطفال البساتين، نرى الطّفلة لبنى منهمكة كل الوقت في حياكة الصّوف لأجل الآخرين، وبذلك تسلّط الضّوء على موضوع العطاء.
هل يستطيع الطفل تقديم ما قدّمته لبنى؟ والأهم من ذلك، هل يكون عطاؤه مشروطًا بالحصول على فائدة بالمقابل؟ في النّص لا نرى حدًّا لعطاء لبنى. بالعكس، نراها تقدّم المزيد من الخيطان رغم تعجّب واستغراب من حولها ومحاولات البعض "إعاقة" مسيرة عطائها.
تقدّم لنا لبنى صورة عن عطاء غير محدود ولا مشروط، وهو أمر بات نادرًا في مجتمعنا بشكل عام، وفي غالبية الحالات يكون عطاؤنا مشروطًا ومختلفًا عن عطاء لبنى، وكم بالحريّ بين الصّغار. فكثيرًا ما نسمع بعضهم يقول: "لم أعطه لأنه لم يشاركني بأغراضه بالأمس..."، أو قد نجد أنفسنا نقول للطفل: "شارك أخاك بألعابك كي يشاركك هو أيضا..."، وعبارات أخرى تصبّ بما معناه: "كما تعامِل تعامَل".
هل يتعلّم الطفل العطاء؟
العطاء هو قيمة اجتماعيّة مكتسبة يتعلّمها الطفل بشكل مباشر وغير مباشر من خلال علاقاته مع البيئة المحيطة به. في مرحلة الطفولة المبكّرة يميل الأطفال لحبّ امتلاك الأشياء، وعدم المشاركة بها. يجب أن نعي أهمّية هذه المرحلة التطوّريّة وشرعيتها كمرحلة هامّة وعابرة، مع المرافقة الإيجابيّة.
كيف نعلّم الطفل العطاء؟
في العديد من الأحيان نجد الطفل مُقبلًا على مشاركة الآخر بقسم ممّا لديه، ومن المهمّ جدًّا تشجيع هذا العطاء دون ربطه بشروط معيّنة.
في أحيان أخرى نجد الطفل غير راغب بالعطاء. في حالات كهذه من المهمّ جدًّا عدم إجبار الطفل على المشاركة، وعدم أخذ أشيائه بالقوّة منه. بل بالعكس، يكون التعلّم غير المباشر أفضل الحلول في مثل هذه المواقف، مثلًا من خلال مقولات مثل "لو كنت مكانك لكنت أعطيته قسما..."، والمهمّ أن نترك للطّفل حرّية اتّخاذ القرار.
أهمّ طريقة للتربية على قيم معينة هو أن نعيش نحن أنفسنا حسبها. فإن أردنا أن يكون أطفالنا معطائين، فعلينا أن نكون مثالًا حسنًا للعطاء.
وأخيرا، ننصح بالحديث مع الطّفل سواء قام بلفتة معطاءة تجاه شخص ما، أو في حال امتنع عن ذلك. الحديث مهمّ كي نربط الفعل بالمشاعر، ونوسّع أفق الطفل عاطفيًّا واجتماعيًّا.
بقلم الاختصاصيّة النقسيّة العلاجيّة، رنا منصور عودة