דילוג לתוכן המרכזי בעמוד

الرسّامةأميمةدجانيحولالكتابةبالرّسومات

23/08/2021

حاورتها: نورة صالح

 

  1. في البداية عرّفينا بنفسك.


أميمة جمال دجاني، مواليد وسكّان مدينة القدس. أنهيت الّلقب الأوّل في التّواصل البصريّ من أكاديميّة بتسلئيل للفنّ والتّصميم في القدس، كما أنهيت لقباً في أساليب تدريس الفنون والتّصميم من الجامعة العبريّة في القدس. أعمل اليوم كمصمّمة ورسّامة مستقلّة، وكمدرّسة للفنون والتّصميم في مدارس ومراكز في القدس وأنحاء الوطن. أهتمّ بكافّة مجالات الفنون والتّصميم، وأخصّ بالذّكر منها رسم قصص الأطفال وتصميم الحروف العربيّة، كما أننّي أهتمّ بأرشفة التّاريخ والمنتوجات المجتمعيّة، وأدير مع مجموعة من الأصدقاء في الوطن العربيّ أرشيفين: أرشيف لأغلفة الكتب العربيّة التي تمّ تصميمها ما قبل سنوات الألفين، وأرشيف للّافتات العربيّة في شوارع فلسطين والوطن العربيّ.

 

  1. في رسم كلّ نصّ تحدّ. ما هي التّحدّيات الّتي واجهتك في رسم النصّ، وكيف تعاملت معها؟


صحيح تماماً. في البداية يجب أن نعلم أنّ إخراج كتاب للطّفل هو عمل مشترك بين عدّة أطراف، الرّسّام هو طرف واحد منها فقط. لذلك فإنّ التّحدي الأكبر والأهمّ هو خلق توازن بين جميع هذه الأطراف كلّ حسب وظيفته، والتّعاون بما يضمن سلاسة العمل مع الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات جميع الأطراف، التّربوييّن والكتّاب ودار النّشر وغيرهم.

قصّة ”الأصيص الفارغ“ هي قصّة من التّراث الصّينيّ، وهو تراث مثير وغنيّ جداً، ولكنّه تراث غريب علينا. لذلك فقد كان تمثيل هذا التّراث الجديد والغريب وتقديمه للأطفال بطريقة صحيحة وجميلة وتعبّر عنه وتشبهه، تحدّياً ليس بسهل. سواء أكان في اختيار نمط الرّسم، أو في استخراج الزّيّ الصّينيّ والبيئة وهندسة البيوت وملامح الصّينييّن والطّبيعة الصّينية وحتّى أثاث البيت من الدّاخل وعادات الصّينيين وتقاليدهم ونمط حياتهم. كانت هذه المرحلة جميلة ومثيرة تشاركت فيها البحث مع الأستاذة منى سروجي والكاتب إياد برغوثي، بالقراءة وتجميع صور تعبّر عن الثّقافة والتّراث الصّينيّ. نقاشات مشتركة مثرية حول العناصر الممثّلة ونمط الرّسم ساعدت كثيراً في تجاوز هذا التّحدي بنجاح.

هناك تحدٍّ ربّما لا يكون مفهوماً ضمناً لدى الجميع، وهو أنّ رسّام القصّة ليس منفّذاً حرفيّاً للنّص، بل هو شريك موازٍ في إعادة إنتاج رؤية جديدة للنّص، بل وخالق لنصٍ موازٍ آخر، لكنّه بصريّ. لذلك فإنّ التّحدي هنا هو إضفاء قيمة إضافيّة للنّص عبر الرّسومات، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال بعض التّقنيات الّتي سأتطرّق إليها لاحقًا.

 



 

  1. كيف تختارين لكل شخصيّة ملامحها الخارجيّة في نصّ لا يتطرّق أبدًا للوصف الخارجيّ؟


أعتقد أنّ هناك نقطة ما يصل إليها الرّسّام بعد عدّة تجارب في تصميم الشّخصيّات يعلم فيها أنّ هذه هي الشّخصيّة الملائمة! وحتّى يصل الرّسّام لهذه المرحلة، يجب في البداية أن يقرأ النّص عشرات المرّات، وأن يحبّه، هذا الحبّ سيقوده للتّجربة، والتّجربة ستقوده لتجارب أخرى، حتّى يصل للملامح الّتي تلائم روح كلّ شخصيّة كما عبّر عنها النّص، شخصيّة استثنائيّة ممتلئة بروح النّص، وبالصّفات الّتي يعكسها النّص عنها، والمشاعر الّتي نريد إثارتها لدى الطّفل عن هذه الشخصيّة.

فشخصيّة لين الجريئة والصّادقة والبريئة كما عبّر عنها النّص تنعكس في ملامحها الواثقة ولباسها المرتّب وشعرها المجدول. شخصيّة جدّتها القرويّة الحميميّة الّتي تهتمّ بزراعة الورود في منزلها وتشجيع حفيدتها على الصّدق والثّقة بالنّفس تنعكس كذلك في عينيها، لباسها الأحمر، تسريحة شعرها وحتّى وضعيّاتها وحركات يديها. شخصيّة تشوين الولد المتمرّد الشقيّ، الّذي يتنمّر على غيره من الأطفال ويخرّب النّباتات تظهر بملامح حادّة تخلو من البراءة وبوجه يملؤه الّلؤم والتّمرّد، حتّى أنّ ألوان ملابسه تعكس جزءاً من شخصيّته. شخصيّة الإمبراطور الجبّار تنعكس في حجمه الضّخم بداية، الضّخامة غالباً ما توحي بالعظمة والجبروت والقوّة وهو ما نحتاج أن نعكسه في شخصيّته، إلى جانب ملامح عينيه الّتي تتراوح بين الغاضبة جداً أو الحميميّة والفخورة تبعاً للمشهد الّذي يتمّ تمثيله.

أكثر ما ساعدني في تنفيذ مرحلة تصميم الشّخصيّات بنجاح هو أنّني قمت بعرضها على مجموعة متنوّعة من الأطفال من الفئة العمريّة المستهدفة، وراقبتُ ردود أفعالهم والمشاعر التي تولّدت لديهم عند رؤية شخصيّة ما، ثمّ قمت بتعديلها بما يتلاءم. فإذا صرخ طفل ما حين رأى وجه الامبراطور الغاضب على الأطفال: يا إلهي إنّه مخيف! أستطيع أن أفهم أنّ الشّخصيّة تعكس ما يجب أن تعكسه، وإذا علّقت طفلة على شخصيّة الجدّة حين رأتها لأوّل مرّة أنّها تذكّرها بجدّتها الحنونة الحكيمة، فقد تمّت المهمّة بنجاح.

 

  1. ما هي العلاقات المختلفة بين النّصّ اللغوي والنّصّ البصري ( الرّسومات) الّتي اخترتها؟ هل يمكن أن تعطي مثالًا على إحدى هذه العلاقات؟


الرّسّام هو مصوّر ومخرج بالدّرجة الأولى، وعليه أن يحرص على اختيار مشاهد منوّعة تبني علاقات مثيرة بين النّص والرسومات. ليس من أجل التنوّع البصريّ وحسب، بل من أجل خلق قراءة إضافية للنّص المكتوب عبر الرّسومات.

من المهمّ جدّاً حسب رأيي عدم لجم الخيال أثناء تمثيل النّص، فليس هناك من داعٍ للتّقيّد بالأسطر المكتوبة وتحويلها إلى ترجمة حرفيّة عبر الرّسومات. من المهمّ ترك المجال لخيال الطّفل، وإدخال عناصر لا تظهر في النّص المعلن عنه، بل تلك الّتي تختبئ بين ثناياه. فقد نعبّر عن حكمة الجدّة في طائر يرمز للحكمة ويتنقّل بين الصّفحات مرافقاً لين. أو قد نعبّر عن مشهد كامل من غضب الإمبراطور محاطاً بالأطفال بحاجبين غاضبين فقط وبعينين يتطاير منهما الشّرر، قد نعبّر عن أحلام وأفكار لين غير الملموسة برسومات ملموسة تخرج من رأسها الصغير، وهكذا..

سأعطي مثالاً أحبّه عن علاقة النّص مع الّلوحة، وهو المشهد الأخير في القصّة والّذي يمثّل فوز لين بالعرش الامبراطوريّ، في مشهد يجمعها مع تشوين وهو يتوسّل إليها ألا تقذفه وراء السّور. النّص لم يذكر العرش، ولم يذكر حصولها عليه، لكنّني رأيت فيه فرصة جيّدة لتعريف الأطفال بشكل عرش الامبراطور الصّينيّ، بزخارفه وألوانه الجذّابة، بالإضافة إلى تدعيم خيال الطّفل بما سيكون عليه الحال عندما تكبر لين وتستلم العرش. برغم ذلك، لم أقم برسم لين ترتدي ملابس الامبراطورة، ولم أقم برسم تشوين يتوسّل عند قدميها بمشهد أشبه بالذّل، إنّما حافظت على صورتهما كطفلين قروييّن بملابسهما البسيطة، وطفولتهما البريئة. في مشهد أقرب ما يكون للّعب بين الأطفال والمناكفات البريئة التي تحصل بينهم. فلين ببراءتها الطّفوليّة تتأرجح على درج العرش، وتشوين إلى جانبها يحادثها ممسكاً بيدها في مشهد لا يوحي بالتّذلّل أو السّجود كما هو متعارف عليه في ذاكرتنا المتخيّلة عن الامبراطوريّة. وفي ذلك قيمة أخلاقية مهمّة نستطيع أن ننمّيها لدى الطّفل بهكذا مشهد.

 

  1. ماذا أضاف لك كرسّامة العمل على كتاب "الأصيص الفارغ" ؟


 

كلّ مشروع أعمل عليه يضيف لخبرتي وعملي الكثير من الأمور القيّمة. ولكنّ العمل على مشروع ثقافيّ تعليميّ وفي ذات الوقت فنّي يخصّ الجيل الرّخو (الأطفال) قد يكون من أكثر المشاريع فائدة وإضافة.

مع كلّ لوحة وكلّ قراءة مختلفة لنصّ الأصيص الفارغ، وكلّ نقاش صغير أو كبير مع أحد أطراف العمل، سواء أكان التّربويون أو الكاتب أو دار النّشر أو الأطفال أنفسهم، أُضيف لفهمي لهذا المجال معلومة قيّمة، نمّيت مهاراتي في فهم الأعمار المختلفة، وكيفية الوصول إلى فكرها وعينها بصريّاً. كما أنّ كلّ مشروع مشترك إضافيّ يثبت لي كلّ مرّة من جديد أهميّة التّعاون والعمل الجماعيّ وكيف أنّ الفنّ والثّقافة والعلم يسيرون بالتّوازي جنباً إلى جنب مدعّمين بالأيدي والعقول المتعاونة، تماماً كما أنّ كتاب الأصيص الفارغ لم يكن ليخرج بالصّورة الّتي خرج عليها لولا هذه المسيرة المشتركة.