صعوباتالبداياتعندالطّفل
10/09/2019
نقاط للتفكير في أعقاب قراءة "ممنوع دخول الفيلة"قد يكون لكل منّا طفل يدخل الرّوضة أو البستان لأوّل مرّة، أو إلى أيّ إطار جديد. نرافقهم ونتلهّف معهم في هذه البدايات، ونحاول تشجيعهم في المجالات المختلفة كالمجال العاطفي، والاجتماعي، والتعليمي.
في هذه الأسطر القليلة أدعوكم معي لتناول "نظاّرة" أطفالكم، ووضعها على عيونكم، كي تحاولوا مشاهدة عالمهم من زاوية أخرى.
"مشهد محتمل أوّل":
طفل خائف يرى العديد من الوجوه الجديدة، طفل يبكي وآخر ملتصق برِجل أمه أو أبيه، ينظر إلى الجهة الأخرى فيرى امرأة (معلمته الجديدة) تقترب منه وعلى وجهها ابتسامة عريضة، وتدعوه إلى دخول الصّفّ وتوديع أهله... ضربات القلب تتزايد ف"أنا لا أريد ترك ماما".
"مشهد محتمل ثانٍ":
في الساحة - يخرج الطّفل إلى الساحة ببطء، ينظر حوله ليجد هناك من يركض مسرعًا باتجاه زاوية الرمل، وآخر يسبقه إلى التقاط الكرة من أمام السيّارة الخشبيّة... يحاول الانضمام بخجل إلى "فريق الفوتبول"، فيسمع أحد الأولاد يرفع صوته ويقول له: "ممنوع!"
والآن لنضع نظارة الطفل جانبًا، ونفكّر معًا: ماذا يحدث في عالم الأطفال في بداياتهم الجديدة؟ ما هي الأحداث التي تواجههم في مواقفهم الاجتماعيّة الأولى وما بعدها؟
هناك مشاهد و"سيناريوهات" مختلفة وعديدة. ولكثرتها يتوجّب علينا أخذ وقفة مع أطفالنا. وقفة تحضيريّة تهدف إلى تهيئة الطّفل والإصغاء إلى مشاعره وأفكاره.
"ممنوع دخول الفيلة" هو كتاب يأخذنا إلى هذه الوقفة بصورة ممتعة، ويتيح لنا التحدث مع الطفل عن هذه المواقف بشكل غير مباشر.
في سنّ الطفولة تبدأ المجموعة برسم حدودها الاجتماعيّة وصقل قوانين هذه المجموعات. كثيرًا ما نسمع الأطفال يتحدّثون بحرقة عن لعبة لم يشتركوا بها لأنّهم مُنعوا من ذلك: البنات (في لعبة كرة قدم)، البدينون (في سباق القفز)، أو ابنك/ابنتك في أي فعالية يمكن أن يكون فيها مختلفين عن المواصفات المطلوبة عادةً.
هذا هو واقع المجموعات!
وهذه هي الفرص التي ينمو فيها أطفالنا اجتماعيا إذا رافقناهم بصورة سليمة.
أوّلًا: كونوا مدركين لأهميّة البدايات، وما تحمله في طيّاتها من مشاعر مختلفة وأفكار يجدر استكشافها مع الطّفل. استعملوا الكتاب أو لعبة أخرى مناسبة، لتتيحوا بواسطتها مجالًا للحديث عن المشاعر التي ترافق البدايات الجديدة.
ثانيًا: كونوا متقبّلين وداعمين!
يختلف الأطفال عن بعضهم من ناحية توقعاتهم ومشاعرهم. علينا تقبّل خوف الطفل ومشاعره الأخرى، وعلينا أيضًا تشجيعه على تكرار المحاولة حتى يقوى ويتمكّن من التّغلب على مخاوفه. إنّه سيحاول، إذا شعر بأنّكم تتقبّلونه بكل مشاعره، وتظهرون لهم أنّكم سندٌ له عندما يشعر بالوحدة.
ثالثًا: أصغوا لطفلكم بعد البداية أيضًا!
المواقف الاجتماعيّة لا تنتهي بانتهاء الأسبوع الأوّل. المجموعات هي واقع الطّفل الجديد والمستمرّ. رافقوه، وأصغوا إليه وادعموه. حاولوا مساعدته من خلال عرض تجاربكم المشابهة، ليشعر بأنّه ليس وحيدًا في هذه التجارب.
رابعًا: اغتنموا الفرص!
رغم صعوبة هذه المواقف إلّا أنّها فرصًا قيّمة للتّربية على القيم الاجتماعيّة المختلفة، كالاحتواء والتقبّل والمحاولة. هذه فرصة يستطيع الطفل من خلالها تجربة الآليات التي نطمح أن نُكسبه إيّاها ليكون فردًا اجتماعيًّا ناجحًا.
وأخيرًا: كونوا لهم مثالًا للعلاقات السليمة والايجابيّة، فمن هناك ينبع مصدر قيم المجموعات.
أتمنى الفرح والراحة لكل طفل في بداياته الخاصّة.
بقلم: رنا منصور عودة، اختصاصيّة نفسيّة علاجيّة