דילוג לתוכן המרכזי בעמוד

العلاقةبينالكتابوتطوّرالطّفلالعاطفيالاجتماعي

22/11/2018

إضاءات في أعقاب "الكتاب العجيب"

التطوّر العاطفي الاجتماعي في سنّ الطفولة، له كبير الأثر على تطوّر قدرات الطّفل العاطفيّة والاجتماعيّة في مراحل تطوّره المستقبليّة. من خلال هذا التطوّر يبدأ الطفل بفهم ذاته والآخر من خلال مفاهيم ذهنيّة تصف حالات نفسيّة داخليّة، كالمشاعر والرّغبات والأفكار. عمليّة الفهم الأساسيّة هذه من شأنها أن تساعد الطفل لاحقًا على الاندماج بسهولة في المواقف الاجتماعيّة المختلفة.

وقد أثبت العديد من الأبحاث أن هذه القدرات تتأثّر بشكل واضح من الأحاديث الحسيّة العاطفيّة التي تدور بين الطفل وذويه في العديد من المواقف الأولى والمستمرّة بينهم. كما تناولت الأبحاث أهمّيّة هذا النّوع من الحديث بالاستعانة بالكتب.

في قصّتنا لهذا الشهر "الكتاب العجيب"، نرى الكتاب يتنقّل بين أيدي الحيوانات إلى أن يصل إلى يد الطّفل الذي يجمع حوله الحيوانات ويتّفقون على أنّه كتاب عجيب. وبالفعل للكتاب تأثير عجيب على الطّفل في عدة مجالات منها:

  1. تطوّر اللّغة وتوسيع ثروة الطفل اللّغوية، خاصّة مع الفروقات الواضحة بين العربيّة المحكيّة والفصحى.

  2. طرح مواقف اجتماعيّة مختلفة تحاكي عالم الطّفل الدّاخلي. من خلال هذه الأمثلة المطروحة في شخصيات ورسومات جذّابة تفتح أمام الطفل فرصة لمقارنة هذه المواقف التي يراها ويسمع عنها وبين مواقف حياته الشخصيّة. كما وقد تكون هذه المواقف نموذجًا لتصرّفات اجتماعية وحلول مقترحة لمواقف شبيهة.

  3. باستطاعة الكتاب خلق جوٍّ دافئ يجمع الأصدقاء والأحبّة، وبهذا يتحوّل الكتاب إلى آليّة اجتماعيّة تجمع الأشخاص وتخلق فرصة لأحاديث عاطفية.


 

هل قراءة الكتاب كفيلة بتطوير قدرات الطفل العاطفيّة والاجتماعيّة؟

يبدأ الكتاب هذه المسيرة، ولكنّه لا يضمن هذا التطوّر في حال غياب البالغ الذي يشارك في هذا المسار. فكما كان الكتاب في بداية قصّتنا، يتنقّل من يد إلى أخرى، دون فهم أهمّيته، وظيفته وتأثيره، إلى أن وصل إلى الطّفل الذي أجاد استعماله، هكذا أيضا في الحقيقة. وضع الكتاب في يد الطفل وقراءته بصورة سطحيّة أو سريعة وعابرة لا يضمن تأثيره الإيجابي. يتوجّب علينا كأهل وكبالغين مرافقة الطّفل في تعامله مع الكتاب.

ماذا أفعل؟ وكيف؟

عليّ أن أكون شريكًا فعّالًا بأن أقرأ الكتاب مع الطّفل بصورة تفاعليّة:

أوّلا: أسرد القصّة لتصل إلى الطّفل والاهتمام بفحص قدرته على فهم ما سمعه.

ثانيا: أسأله عن أحداث القصّة لأسمع منه كيف لامست هذه الكلمات عالمه الداخلي.

ثالثا: نأخذ هذه الأحداث والرّسومات إلى مستويات عالم الطّفل المختلفة ونغوص معه في بحر أفكاره ومشاعره.

رابعا: أحاول سرد القصّة أكثر من مرّة لأساعد الطفل على تطوير المرونة في التفكير والمشاعر. فمع كل قراءة تأخذنا الكلمات إلى حيّز مختلف في عالمنا الداخلي، فنجد أنفسنا نتعامل مع النّص بصورة جديدة ومختلفة مع كل قراءة.

 

لنكن أعزائي كما الطفل في قصّة "الكتاب العجيب"، مدركين لأهمّية وتأثير الكتاب على أطفالنا. فهو حقا كتاب عجيب!

 

بقلم: الاختصاصيّة النفسيّة العلاجيّة- رنا منصور عودة